يعرف الأطباء الإرهاق بأنه ردة فعل طبيعية لحاجة جسم الإنسان للراحة بعد يوم طويل من العمل المتواصل، ويعتبرون أن هذا النوع من الإرهاق "جيد"؛ لأنه يأتي كدعوة صريحة من الجسم إلى الاسترخاء لإعادة تكوين قواه، إلا أنه قد يكون في بعض الأحيان مؤشرا لبداية انهيار جسدي أو حالة مرضية كالذي ينتج عن نشاط فكري مكثف أو راحة طويلة.
وفي هذا الإطار كشفت دراسة نشرت نتائجها في "جورنال دو سانتية" بتاريخ 18/9/2008 أن كل عمل ونشاط إنساني يحتاج إلى تشغيل عضلات الجسم وتحريكها وفق نوع العمل وقوة النشاط والمجهود الجسدي يتطلب قوة بدنية ليستطيع الإنسان القيام به، هذه القوة يوفرها استهلاك محروقات الجسد التي تستلزم استغلال أكسجين الجسم وفق حدة العمل ووفق المجهود العضلي الذي يبذل من أجل ذلك، فإذا ما تخطى هذا العمل درجة معينة (وهذه تختلف من شخص إلى آخر حسب بنية جسم كل إنسان) يبدأ الإرهاق بالظهور.
الدراسة اعتبرت أن للعمل الفكري تأثيره المباشر على عضلات الجسد، وبالتالي فكل من يقوم بعمل لا يتوافق مع قدراته الجسدية سيضطر إلى استنزاف كل إمكانياته العضلية، وأحيانا يحاول تجاوزها فيصاب بإرهاق مستمر وتعب دائم، وهكذا لا تتمكن الدورة الدموية بسبب الضعف العام من خدمة العضلات العاملة وبقوة وفق قدراتها وطاقاتها.
أما عن الإرهاق الجسدي فإنه يتولد عادة إما عن سبب مادي بحت، أو عن نشاط فكري مكثف، أو راحة طويلة أحيانا، فيتطور هذا الإرهاق ليصل إلى درجة عالية يأخذ فيها مظهرًا مرضيا حادا يستوجب تدخل الطبيب.
متاعب الإرهاق
وللإرهاق مظاهر كثيرة، منها النوم المتقلب، والانحطاط الفكري والجسدي عند الاستيقاظ من النوم، وبالتالي فإنه يقلب مزاج صاحبة ويوتر أعصابه ويثير طباعه وغرائزه ويصبح في حالة عصبية دقيقة يصعب معها حصر الآلام في نقطة معينة، ويصبح كل شيء يؤلم ويثير.
قد يكون الإرهاق ظاهرة تسبق بعض الأمراض وتلعب دور المنذر لقدومها، مثل الإنفلونزا، التهاب الرئتين، التهاب الكبد، الأمراض القلبية، عوارض الأوردة الدموية التي تكون إجمالا مصدر إرهاق شديد، وللسرطان تعبه وإرهاقه.
نصائح للتغلب على الإرهاق
1- ابدأ نهارك جيدا.. فعندما تستيقظ صباحا عليك أن تتمدد في وضعية النوم ثم بعد ذلك تنهض بشكل ناعم ولطيف.
2- تناول وجبة إفطار متوازنة تحتوي على عناصر القوة والحياة من بروتينات ودهون وسكريات وفيتامينات وأملاح ومعادن.
3- يجب عدم التسرع في التهام الوجبة مباشرة، فهذا التصرف يخلق وضعا يؤدي إلى الإرهاق، ولتجنب ذلك المفترض تناول كأسا من الماء المضافة إليه ملعقة صغيرة من عصير الليمون، حيث إن هذا المشروب يساعد كثيرا على إزالة الاحتقان من غدة الكبد فتجعل هذه الأخيرة أكثر استعدادا للقيام بوظائفها على أحسن حال.
4- الابتعاد عن الوجبات الدسمة والثقيلة مساء؛ لأن مثل هذه الوجبات تؤدي إلى شحن الجسم بالمخلفات والفضلات التي لا يستطيع تصريفها على ما يرام فتبقى مكدسة فيه، جاعلة خلايا الجسم في حال يرثى لها.
5- الابتعاد عن الأطعمة المسئولة عن الإرهاق، فقد تبين أن هناك أغذية تساعد على اندلاع التعب، وفي هذا الإطار اكتشف باحثون في جامعة "جورج تاون الأمريكية" أن نحو 60% من مرضى مستشفى الجامعة الذين يشكون الإرهاق المزمن كانوا قد اعتادوا تناول غذاء معين، وعندما طلب منهم التخلي عن هذا الغذاء تعافوا تماما من مشكلة الإرهاق.
6- شرب ما يكفي من الماء، حيث إن معظم الناس لا يشربون إلا عند الشعور بالعطش دون أن يأخذوا في الاعتبار حاجة أجسامهم إليه حتى ولو لم يحسوا بذلك، لذلك من الضروري شرب نحو لترين يوميا.
7- تناول وجبة خفيفة قبل الغداء، فهناك من الأطباء من ينصحون مرضاهم بتناول وجبة خفيفة ظهرا لتجنب الخمول والنعاس خلال فترة ما بعد الظهيرة.
8- الابتعاد عن الأغذية المكررة (المصفاة)؛ لأنها تفتقر إلى الكثير من العناصر المعدنية، خصوصا معدن الماغنيسيوم الذي يعتبر نقصانه سببا مهما للإصابة بالإرهاق المزمن، لأنه يلعب دورا كبيرا في الحفاظ على التوازن العصبي العضلي، وتشمل الأغذية الغنية بهذا المعدن المحار والشوكولاتة والمكسرات والفاصوليا المجففة والحبوب الكاملة.
9- الإقلال من شرب القهوة، حيث إن شرب فنجانين إلى ثلاثة فناجين يوميا يكفي لشحذ طاقة الجسم ودب النشاط فيه، أما تجاوز هذا الحد فسيترك تأثيرًا سيئًا على شاربها، فبدلا من أن تعطيه الطاقة اللازمة، فإنها تدخله في زوبعة من التأثيرات الثانوية وتمهد لاستمرار المعاناة من التعب المزمن.
10- تجنب الإكثار من السكريات السريعة الامتصاص (خبز أبيض، حلويات، وغيرها)؛ لأنها تمتص بسرعة فيرتفع مستوى سكر الدم، ولكن قد يعقبه حدوث هبوط مفاجئ للسكر، وهذا ما يفتح الباب أمام ظهور عوارض التعب المزمن.
11- تخسيس الوزن في حال وجود السمنة، فهذا من شأنه أن يجعل صاحبه في وضع جيد نفسيا وجسديا، لكن إضاعة الوزن يجب أن تتم بالتدريج؛ لأن فقدان الوزن السريع يؤدي إلى الإصابة بالإرهاق.
12- أخذ قسط وافٍ من النوم.. فالسهر الطويل يجعل الأعصاب في شبه استنفار؛ لأن هذا السلوك يقود إلى هدر طاقة الجسم وجعله عرضة للإرهاق الذي قد يلازم صاحبه كخياله.
13- عدم المبالغة في النوم أيضا؛ لأن الإنسان يحتاج في المتوسط إلى 7 ساعات نوم يوميا، وأي زيادة على هذا الرقم تجعل الجسم "مكسرا" كما يقال.
14- ممارسة النشاط الرياضي؛ لأن الرياضة مفيدة جسديا ومعنويا.
15- التنفس بعمق لأنه يساعد على الاسترخاء وفي الوقت نفسه يمد الجسم بالطاقة اللازمة.
16- وضع برنامج منسق لتنفيذ المهمات، بحيث تتخلله فترات دورية من الراحة لإشاعة السكينة والطمأنينة في النفس، مثل سماع الموسيقى أو ممارسة التأمل وغيرهما.
17- الانتباه إلى الأدوية المستهلكة، فهناك مجموعة من العقاقير يمكنها أن تكون أصل العلة، أي أن الإرهاق يكون واحدا من أهم آثارها الجانبية، وهذه الحالة نراها مع الأدوية الكيماوية المضادة للسرطان والمنومات والمهدئات وخافضات ضغط الدم ومضادات السعال ومضادات الرشح وغيرها.
18- إذا كنت مدخنا فيا حبذا لو أقلعت عنه حالا؛ لأن مخلفات السيجارة تعرقل "زواج" الأكسجين مع كريات الدم، وهذا ما يؤدي إلى الإرهاق.
هوامش ومصادر:
المصدر: جورنال دو سانتية journal de sante
Regards,
Khader Salman