مقدمة / بداية الهجوم / الشهيد عثمان ابو خضرة
.. أخذ اليهود يعدون العدة لأحتلال القرية , وقد شعر الأهالي برغبة الصهاينة المتزايدة لتنفيذ هذا الأمر ..
فلجأ أهل القرية الى المشورة فيما بينهم لعلهم يجدون مخرجا من الشرور المحدقة بهم , وكانت النتيجة
أن أتفق الجميع على :
1- ترحيل الأطفال والنساء والرجال المسنيـن خارج القرية .
2- تكوين لجنة " مختاره من الجميع " وذلك لشراء السلاح والذخيرة وبيعهـــا بثمن التكلفة الى القادرين
من الأهالي على حمل السلاح . وتم تعيين عددا من الشباب لحراسة القرية في حال حصولهم على السلاح !!
الا أن اللجنة المكلفة بتوفير السلاح لم تفلح في تحقيق ما تم الأتفاق عليه .
وربما تكون هناك أسبابا أخرى قادت الى هذا الفشل . سيجري التطرق اليها لاحقا .
والمتمعن في سير الأحداث يجد تدهور المعنويات وأنتشار القلق والأضطراب بين الأهالي وعدم الأطمئنان
الى ما يدور في المنطقة .. ليس لعدم توفر السلاح والذخيرة فقط !!
وكان تسارع وقائع القتال وسقوط العديد من البلاد في يد الصهاينة يشير بأن البلاد لن تصمد طويلا !!
وكان لسقوط " بلدة " المقحز " برغم الجهود الكبيرة التي بذلت للدفاع عنها .. فقد اشترك في معركة
" المقحز " الكثير من سكان قرى جبل الخليل وساهم المتطوعون من البلدة في كثير من الأنشطة القتاليه ..
كالأشتباك المباشر مع العدو أو بتأمين احتياجات المدافعين من الأغذية والمياه والأسعافات .. الا أن ذلك لم
يفلح دون أحتلالها !! كما أن سقوط " القبيبـــة " وبيت جبريــــــن " بالأضافة الى رحيل وأنسحاب
القوات المصرية .. كان لهذه العوامل أثرها السيء في نفوس الأهالي .. ومما زاد الحالة سوءا , رحيل
العائلات الوافدة الى القرية والتي التجأت اليها حين تم أحتلال بلداتهم .. وشكلت هذه العوامل خيبة أمل
لدى المواطنين حيث أدى ذلك الى خلق حالة من الفوضى وعدم الأستقرار .
قبل سقوط القرية بيوم واحد , جاءت قوة أستطلاع صهيونية , وصلت الى تلة مرتفعة تقع الى الغرب
من البلدة بحوالي 2 كم .. ويعتقد بأن هذه القوة قامت بتصوير المداخل الرئيسية للقريـة..
وكما يبدو أنها اطمأنت أيضا الى عدم وجود أية قوات نظاميـة أو تطوعيـــة تذكر !!
وفي رواية لأخرى :
وصل الى " عقبة الخضور " رجلا من البدو يركب حصانا .. وتحدث الى بعض المجتمعين في المكان قريبا من
بيت " حسين موسى ابو خضرة " وسألهم فيما أذا كان يستطيع أن يأتي بعياله وفيهم " بنيات وحريم "
الى القرية " وانتم يا دوايمه أهل نخوة .. والله انكم سبوعه وما حدا يقدر يجوزكم " واليهود هاذولا مالهم آمان
وأريد هلي يكونو في الأمان .. وترى صيتكم سابقكم .. ايش تقولون " ؟
فقالوا : عيالك عيالنا .. اللي يصير علينا يصير عليهم ..
فقال : أنا أدري ومتوكد زين انكم قدها .. اقول يا الربع .. اريد أطمن عندكم سلاح تقامون بيه هالملاعين ؟
" وهنا توتر الجو " وأدرك أحد الرجال أن في الأمر مكيدة .. وكانت معه بندقية .. فسحب أقسامها .. ولكن
" البدوي " تدارك الأمر سريعا .. ولوى عنان حصانه هاربا وأخفى نفسه تحت بطن الحصان .. فعاجله
الرجل بطلقة لم تصبـه !
" الرجل الذي أطلق الرصاصة يدعى وهو من روى هذه الواقعة "
وفي اليوم التالي وصلت طلائع الجيش الأسرائيلي ظهر يوم الجمعـة في 1948/10/29 حوالي الساعة
الثانية ظهرا.. تعززها الدبابات .. والسيارات المصفحـة .. وقد أحكمت الطوق على القرية من مداخلها
الرئيسيـــة الثلاثــــــــة من الناحيــــة الغربيـة والشماليــة والجنوبيــة ..
فأحكمت الحصار على البلدة وتركت الجهة الشمالية خالية لتكون منفذا لهرب السكان !!
ويقول : " محمد محمود سالم الزعاتره " في مقابلة مع جريدة اللواءالأردنية / بتاريخ 1985/1/20
.. وكانت الدوايمة من قبل الحرب مقسمة الى قسمين : الحاره الفوقا / والحاره التحتا / وكان مختار
الحاره الفوقا " أحمد عثمان الزعاتره " ومختار الحاره التحتا " أحمد محمد هديب "
ثم حل محلهما في تلك الأثناء المختار" سليمان أحمد عثمان الزعاتره " للحاره الفوقا .. والمختار
" حسن محمود هديب " للحاره التحتا . وبعد أن أحتل الصهاينة " بيت جبرين " اجتمع سكان الدوايمه
وعلى رأسهما المختاران " الزعاتره وهديب " وقرروا الصمود والدفاع عن القرية ..
وكان في القرية عدد كبير من الحرس " متطوعين " يقفون على الحدود
وبعد أن أحتل الصهاينة " القبيبة والمقحز " قررت الدوايمة السماح للأطفال والنساء بالخروج من القرية
حفاظا على أرواحهم ..
.. وهناك في سهل قريب من مدينة الخليل أقمت لعائلتي من النساء والأطفال خيمة من " أكياس الخيش "
وفي طريق عودتي الى الدوايمة مررت من قرية " أذنا " شرقي الدوايمة فوجدت الكثيرين من مواطني الدوايمه
وغيرها مشردين هناك .. وسألتهم عما حدث .. فقالوا بأن قرية الدوايمة قد تعرضت للهجوم من جميع الجهات
.. وواصلت طريقي الى الدوايمة من الجهة الشرقيــــة .
فوجدت الكثير من الأهالي مشردين على الطرق .. وسألت والدتي عما حدث في القرية فقالت : كنت أخبز في
الطابون وأذا بصوت الرصاص يدوي في كل الأنحاء بالأضافة الى المدفعية الثقيلة .. فخرجت الى الشارع وأذ
بالناس يصيحون " اليهود هاجمو القرية " وخشي الناس على أعراضهم وأمروا من تبقى من النساء بالخروج
من الباب الشرقي في أتجاه " أذنا "
كان الهجوم في يوم جمعة وسوق الدوايمة مكتظا بالناس القادمين من مختلف القرى المجاورة للتسوق والبيع ..
وكان هذا السوق يدعى " سوق البرين " لكثرة المتعاملين فيه ..
أقترب المهاجمين الصهاينة من مسجد " الزاوية " حيث كان يعج بالمصلين .. وفتحوا عليهم النار .. فقتلوهم
جميعا .. وكان أمام المسجد في ذلك الوقت يدعى " محمد مطلق " وبلغ عدد الشهداء 100 من المصلين .
.. ثم توجه الصهاينة الى منطقة " البيادر " حيث جمعوا الرجال والنساء في صفوف وأطلقوا عليهم النار
وكان عددهم 200
***
ثم تابع الصهاينة جرائمهم الوحشية وأتجهوا الى الجنوب الشرقي على طرف القرية حيث يوجد طور الزاغ
وهو عبارة عن مغارة كبيرة التجأ اليها بعض السكان هربا سطوة الجيش الأجرامية "" وما أن أقترب الجنود
من المكان حتى خرج اليهم أحد الأهالي ويدعى " خالد العامري " وأطلق النار على الجنود !!
***
أحاط الجنود بالمكان وأمروا الناس بالخروج ثم أطلقوا عليهم النار جميعا .. ولم ينجوا أحد بأستثناء 3 أطفال
كانوا تحت جثث الشهداء .
ويتابع " محمد محمود الزعاتره " عندما دخل جنود الصهاينة من الجهة الشمالية .. اصطدموا بالحرس المدافعين
على حدود القرية وكان من ضمنهم " الحاج عثمان الخضور " ابو خضرة فيما بعد " وكان الحاج سالم الأقطش
مختبئا في مكان .. ولم يشاهده الصهاينة .. وقد رأى " الأقطش " بالعين ما يفعله " عثمان ابو خضرة " وهو
يطلق النار على الجنود .. وكان صامدا في مكانه يتصيدهم الواحد تلو الآخر.. فقتل من الصهاينة 15 جنديا ..
الى أن فرغت بندقيته من الرصاص .. ثم ساد المكان شيء من الهدوء .. وتحرك الجنود الى مكان ابو خضرة
وأنتظر " سالم الأقطش " زهاء ساعة حتى تأكد من أنسحاب الجنود .. ثم أنتقل الى حيث كانوا .. فوجد
" عثمان ابو خضرة " وقد " قطع جســــده بالبلطات " انتقاما من صموده " كما عثر" سالم الأقطش " على
" أبنه أحمد " مستشهدا بالقرب من المكان وكذلك " أحمد عثمان الزعاتره + محمد وقاد " كانا مستشهدين
في بستان أمام دار المختار " أحمد عثمان الزعاتره "
في اليوم الثالث للأحتلال .. دخل " الحاج رجب ابو خضرة " الى القرية لتفقد من تبقى داخل القرية.. فلم
يجد أحدا ممن قيل أنهم بقوا على قيد الحياة وكان منهم " محمود سالم الزعاتره + عبد الدين العبدين + وفاطمة
القيسـية وغيرهم .
وأضاف " رجب أبو خضرة " بأنه كان في المنطقة بئر مشبك .. وكانت هناك آثار دماء وضربات البلطات ظاهرة
على فتحة البئر وكانت آثار عجلات السيارات واضحة مما يفيد بأن الصهاينة المجرمين قد ألقوا بالجثث داخل
البئر لأخفاء جريمتهم .. وقال " رجب أبو خضرة " بأن بئر " المجدلة " ويبعد 300 متر عن البئر الأول
وجدت فيه أيضا بعض الجثث لوجود الدماء عند فتحتــه .. وأضاف " ابو خضرة " بأن البئر الموجود في
" قنان عدوان " وهو بئر مهجور دون ماء قد وجد مملوءا بالجثث أيضا .
وفي بحث آخر صادر من جمعية الدوايمة :
.. بعد دخول القوات الغازية الى البلدة , أخذت تطلق الرصاص بشكل رهيب في كل الأتجاهات .. ذعر المواطنون
الآمنون من هول المصيبة .. الا أن هذه الحالة لم تفزع الرجال المؤمنين بالله وتمنعهم من التصدي للمعتديــــن
الصهاينة .. في هذه اللحظات حدثت معركة غير متكافئة بين قوات العدو والبطل الشهيد من أبناء الدوايمه
" الحاج عثمان عبد القادر أبو خضرة " وهي قصة معروفة بلا أستثناء !!
فقد أبلى هذا البطل بلاء حسنا في الدفاع عن " الدار وأعطاءها حقها " كما كان يردد خلال المواجهة !!
فقد أبى رحمه الله أن يغادر منزله وحارته وفي جعبته رصاصة واحدة يستطيع أطلاقها !!
جلس " عثمان " يتصيد جنود اليهود الذين يصلون الى حارتــه , فقتل منهم ما يربو على 15 جنديا ..
بقى على حالته هذه الى أن نفذت رصاصاته المحدودة .. أمسك به الجنود وقتلوه " بتقطيع أوصاله "